خطاب بلا عنوان.. في وضع شديد الاحتقان؟

خطاب بلا عنوان.. في وضع شديد الاحتقان؟

خطاب بلا عنوان.. في وضع شديد الاحتقان؟

دخلت المقهى...

كان كل شيء عاديا غير الرياح العاصفة خارج المكان...

تهالكت على المقعد البلاستيكي.. وأخذت كتابي الذي كنت أشغل نفسي بقراءته كلما وجدت نفسي وحيدا .. جاء النادل مسرعا كعادته حاملا القهوة السوداء السريعة في فنجانها الأبيض المعتاد... فجأة حانت مني التفاتة نحو التلفاز الذي كان معلقا على أحد الجدران والذي لم يكن يثير اهتمام أي من الرواد...

كان التلفاز ينقل مباشرة خطاب رئيس الدولة من قصر قرطاج ...

كنت قد سمعت بعض التكهنات من هنا وهناك على أن هذا الخطاب سيكون على غاية من الأهمية وأنه سيقدم الكثير من المبادرات حول الأزمات التي تعيشها البلاد وخاصة ضغط منظمتي الإعراف والعمال من أجل تغيير التشكيلة الحكومي... وواقع الأزمة المالية الخانقة.. وكثرة الاضرابات... والانتخابات البلدية .. وتعثر التوافق حول هيئة المجلس الدستوري وقضية النهب الفرنسي للثروات التونسية....

تركت النظر في الكتاب وانتقلت إلى مقعد قبالة التلفاز مباشرة لمتابعة الخطاب...

كانت الضوضاء في المقهى لا تطاق فلم يكن أحد مهتما للمتابعة أو الإصغاء ... "كل فول لاهي في نوارو"... طلبت من القهواجي أن يرفع صوت التلفاز قليلا ثم أصغيت بكل اهنمام لما سيقوله رئيس الجمهورية علي أظفر بما يشفي الغليل ويوضح صورة ما يجري في البلد من تخبط على كافة المستويات ومن صراع محموم علني وخفي على السلطة والنفوذ في قطيعة تامة عما يعانيه الشعب من هموم وصعوبات ...

وتحدث الباجي ... منطلقا من أن تونس تامة السيادة وأن كل ما يقال ويثار حول وجود اتفاقيات تمس من سيادة البلاد ليس سوى ثرثرة فارغة (ولو كان ذلك موثقا؟؟؟؟) .. ثم تحدث الباجي عن شرعيته الانتخابية وعن الوحدة الوطنية وعن أهمية المنظمات الوطنية وعن الأوضاع الاقتصادية وعن الرسائل التي تلقها بمناسبة احتفال البلاد بعيد استقلالها ( من طرف زملائه؟؟؟) ... ثم تحدث الباجي وتحدث.. وتحدث.. في خطاب مرتجل افتتح بتلاوة من الذكر الحكيم من طرف مقرئ كان حاضرا بمكان الاحتفال... ولكن في النهاية وبعد أن أعياني الانصات والانتضار اكتشفت أن السيد الباجي تحدث..وتحدث ... وتحدث .. لكي لا يقول في الأخير شيئا...

فملخص خطابه كان... سأقوم بتشكيل لجان هنا ولجان هناك.. ثم سأجمع هؤلاء مع هؤلاء... ما يتفق عليه هؤلاء مع هؤلاء أو ما يتوافقون حوله فأنا أباركه ...

ليبقى الحال على ما هو عليه... في انتظار أن يأتي ما يخالف ذلك...

دمتم سالمين..

وكل عام وأنتم بخير...

بقلم العبد العزيز الرباعي